مختار بوقرة: تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ثورة إدارية وتشريعية
اعتبر المحامي لدى التعقيب، الأستاذ مختار بوقرة، خلال استضافته في برنامج "ميدي إيكو" اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025، أنّ تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية يُمثّل "ثورة إدارية وتشريعية حقيقية ترمي إلى تطوير أساليب تسيير المرفق العمومي".
وصدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 29 جويلية 2025 القانون عدد 14 لسنة 2025 المؤرخ في 28 جويلية، والمتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة الجزائية، وذلك بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد. وكان هذا القانون قد حظي بالمصادقة في 24 جويلية، حيث صوّت لفائدته 92 نائباً، مقابل 7 محتفظين و6 رافضين.
أوضح ضيف برنامج "ميدي إيكو" أنّ هذا التنقيح يُعدّ بالغ الأهمية والحيوية، لأنّه يهمّ في الآن ذاته المواطن والإدارة والموظف العمومي.
وبيّن الأستاذ مختار بوقرة أنّ الصيغة القديمة للفصل كانت تسري على الموظف العمومي كما عرّفه الفصل 82 من المجلة الجزائية، أي كلّ من يباشر عملا في مصلحة عمومية أو تم تعيينه ضمن الجماعات العمومية المحلية أو الهيئات الجماعية، وبالتالي فإنّ تطبيق الفصل القديم كان يشمل طيفا واسعا من صفّة الموظف.
الفصل القديم.. سيف مسلّط على الموظف العمومي
وتابع مبيّناً أنّ الفصل القديم كان بمثابة سيف مسلّط على الموظف العمومي، إذ قد يتعرّض للمساءلة حتى في حال اتّخاذه قرارا بـ "حسن نية" لكن مخالفا للتراتيب. ففي مثل هذه الحالات، تُوجّه إليه تهمة كاملة الأركان، حيث ينصّ القانون على عقوبة تصل إلى عشر سنوات سجنا إضافة إلى خطية مالية باهظة. وقد اكتفى النصّ بمجرد الإشارة إلى مخالفة التراتيب، دون أن يوضّح ما إذا كانت تلك المخالفة ناجمة عن "حسن نية أم لا".
وبيّن أنّ التنقيح رفع القيود التي كانت مسلّطة على الموظف العمومي أو شبهه، مما أتاح له إمكانية اتخاذ القرارات متى التزم بواجب العناية بالمصلحة العامة وخدمة المواطن. وقد تضمّن هذا التنقيح ثلاث نقاط، أوّلها تقليص نطاق التدخّل الزجري للفصل 96 من المجلة الجزائية.
وأضاف قائلا: "لقد كان المشرّع ذكيا في صياغة هذا الفصل، إذ نجح في إيجاد توازن بين محاربة الفساد الإداري من جهة، وضمان توفير الحماية اللازمة للموظف العمومي لممارسة مهامه بكل طمأنينة من جهة أخرى".
ويتجسّد ذلك في التنصيص على عبارة: "الذي تعمّد استغلال صفته لإلحاق ضرر.."، أي الإشارة صراحة إلى قصد المُوظّف وتعمده اتّخاذ إجراء يعلم مسبقا أنّه سيضرّ بالإدارة، مستغلا صفته لتحقيق ذلك.